مهارات التعامل مع الأبناء وكيفية استيعابهم
هل أعـتذر لابني؟..
أثناء تقديم استاذ احدي المحاضرات لإحدى الدورات الخاصة بالرجال، لاحظ رجلاً قد تغير وجهه، ونزلت دمعة من عينه على خده، وكان وقتها يتحدث عن إحدى مهارات التعامل مع الأبناء وكيفية استيعابهم.
وخلال فترة الراحة، جاءه هذا الرجل، وحدثه على انفراد، قائلاً : هل تعلم لماذا تأثرت بموضوع الدورة، ودمعت عيناي؟..
قال له الاستاذ: لا والله!.. فقال : إن لي ابنا عمره سبعة عشر سنة، وقد هجرته منذ خمس سنوات ؛ لأنه : لا يسمع كلامي، ويخرج مع صحبة سيئة، ويدخن السجائر، وأخلاقه فاسدة، كما أنه لا يصلي، ولا يحترم أمه.
فقاطعته، ومنعت عنه المصروف، وبنيت له غرفة خاصة على السطح، ولكنه لم يرتدع، ولا أعرف ماذا أعمل؟!.. ولكن كلامك عن الحوار، وأنه حل سحري لعلاج المشاكل، أثر بي.. فماذا تنصحني؟.. هل أستمر بالمقاطعة, أم أعيد العلاقة؟.. وإذا قلت لي أرجع إليه، فكيف السبيل؟..
قال الاستاذ له : عليك أن تعيد العلاقة اليوم قبل الغد، وإن ما عمله ابنك خطأ، ولكن مقاطعتك له خمس سنوات خطأ أيضاً!.. أخبره بأن مقاطعتك له كانت خطأ، وعليه أن يكون ابناً باراً بوالديه، ومستقيما ًفي سلوكه.
فرد عليه الرجل قائلاً : أنا أبوه أعتذر منه؟!.. نحن لم نتربى على أن يعتذر الأب من ابنه!..
قال : يا أخي!.. الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً، وإنما على المخطئ أن يعتذر!..
فلم يعجبه كلامه، وتابعوا الدورة، وانتهى اليوم الأول.
وفي اليوم الثاني للدورة، جاء الرجل مبتسماً فرحاً، ففرح الاستاذ لفرحه، وقال له : ما الخبر؟..
قال : طرقت على ابني الباب في العاشرة ليلاً، وعندما فتح الباب قلت له :
يا ابني!.. إني أعتذر من مقاطعتك لمدة خمس سنوات!.. فلم يصدق ابني ما قلت، ورمى برأسه على صدري، وظل يبكي، فبكيت معه.
ثم قال : يا أبي!.. أخبرني ماذا تريدني أن أفعل ؛ فإني لن أعصيك أبداً!..
وكان خبراً مفرحاً لكل من حضر الدورة.. نعم!.. إن الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً.. إن الأب إذا أخطأ في حق أبنائه، ثم اعتذر منهم، فإنه بذلك يعلمهم الاعتذار عند الخطأ ؛ وإذا لم يعتذر، فإنه يربي فيهم التكبر والتعالي، من حيث لا يشعر.. هذا ما كنت أقوله، في أحد المجالس، في مدينة بوسطن بأمريكا.
وكان بالمجلس أحد الأصدقاء الأحباء، فحكي للاستاذ تعليقاً على ما ذكره، قصة حصلت بينه وبين أحد أبنائه، عندما كان يلعب معه بكتاب من بلاستيك، فوقع الكتاب خطأ على وجه الطفل، وجرحه جرحا ًبسيطاً، فقام واحتضن ابنه، واعتذر منه أكثر من مرة، حتى شعر أن ابنه سعد باعتذاره هذا.. فلما ذهب به إلى غرفة الطوارئ في المستشفى لعلاجه، وكان كل من يقوم بعلاجه يسأله كيف حصل لك هذا الجرح، فيقول : (كنت ألعب مع شخص بالكتاب فجرحني).. ولم يذكر أن أباه هو الذي سبب له الجرح.. ثم قال معلقاً : أعتقد أن سبب عدم ذكري، لأنني اعتذرت منه!..
قال دكتور بالتربية : بأنه فقد أعصابه مرة مع أحد أبنائه، وشتمه واستهزأ به، ثم اعتذر منه، فعادت العلاقة أحسن مما كانت عليه في أقل من ساعة!.. فالاعتراف بالخطأ، والاعتذار لا يعرف صغيراً أو كبيراً، أو يفرق بين أب وابن!..