.والأمر ليس لغزا, فالجميع من المهتمين بشأن الوحدة الوطنية وممن لهم أي احتكاك بالجامعة يعرفون أنch هي اختصار لكلمةchristian أي مسيحي, |
|
|
|
وch
يطلق في الجامعات والمدارس علي ركن منزو ومعزول يتجمع فيه الطلاب
المسيحيون فيما بين الحصص والمحاضرات أو في أوقات الفسحة في المدارس
الثانوية, هناك وهناك فقط يشعرون بالألفة والطمأنينة والقدرة
علي الابتسام وتبادل المودة.
هي إذن الكارثة أن يستشعر الطالب المسيحي أنه أصبح الآخر, فقرر
أن يكون الآخرون ومهما كثر عددهم هم جميعا الآخر, ولعلك عزيزي
القاريء لن تحتاج الي تفصيل في إيضاح التداعيات الفكرية والنفسية وعلاقات
الهوية التي تترتب علي هذه الظاهرة, وهي تداعيات لن تمحي من ذهن
التلميذ, فقد ترسخت في تكوينه العقلي والنفسي لتبقي ملازمة له
طوال حياته, فهل يمكن أن ينسي صداقاته ومودته وحنينه لأيام
دراسته منذ الطفولة وحتي التخرج, وهو حنين محصور ومحاصر في
الـch ؟ وبرغم ذلك فإن أحدا من قيادات العملية التعليمية لم
يهتم بها, ولكن, ولأنها ظاهرة شديدة الخطر استوجب
الأمر أن نلقي عليها نظرة متأنية باحثين عن أسبابها, ومن ثم
محاولين التعرف علي الحلول.
* المناخ العام في المجتمع هو مجتمع ملوث بالفتنة الطائفية
ويزداد تلوثا بسبب عوامل عديدة رسمية وإعلامية وأخري متعلقة بالمناهج
التعليمية,وبالمدرس الذي يتبدي في كثير من الأحيان طائفي
النزعة.
* المناخ المدرسي والجامعي العام فلا أنشطة مشتركة لا رياضة ولا
فرق مسرحية, ولا أنشطة ثقافية وهي البوتقة التي يمكن أن ينصهر
فيها الطلبة متقاربين معا من أجل تحقيق فوز فريقهم أو إنجاح مشروعهم
الثقافي المشترك.
* غياب الدور الإيجابي للمدرس أو للأستاذ, وافتقاد أي
علاقة به خاصة في قيادة الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية,
فالأستاذ منهك ومشغول بمحاضرات جانبية في جامعات خاصة أو بعمل آخر يستهدف
زيادة دخله, والمدرس تنحصر علاقته بالطالب في إطار الدروس
الخصوصية.
* قيام الحرس الجامعي بمنع أي نشاط فكري أو سياسي أو حتي فني
غير مرخص به من إدارة الجامعة التي لا ترخص لأي نشاط لا يتم التحكم
فيه, ولأن كثيرا من الأنشطة التي يفترض الترخيص بها لم يعد يهتم
بها أحد, لا من إدارة الجامعة, ولا من الأساتذة فإن
النشاط العام خافت جدا ولا يسمع في ردهات الجامعات سوي صوت التأسلم
السياسي الذي يوجد إما بسبب من تستره بالدين, وإما بسبب تشجيع
خفي له من بعض الأساتذة وأحيانا من الإدارة وحتي من الحرس الجامعي في
أحيان أخري.
* ويجري الآن تمرير أوراق مثيرة للدهشة في عديد من الجامعات
تستقبلها قوي التأسلم السياسي في الجامعات من أساتذة وطلاب بفرح
غامر, والمحايدون بدهشة بالغة, والـch بفزع
يزيد من عزلتهم, أما دعاة الوحدة الوطنية فإنهم يستقبلونها بغضب
وربما بقرف, والأوراق تتضمن احصاءات نوردها دون تعليق لأنها
كافية بذاتها.
* في مصر274 كلية لكل منها عميد وثلاثة وكلاء بمجموع
يصل الي947, ولا يوجد من بين هذا الرقم سوي عميد واحد
مسيحي[ كلية آثار الفيوم] ووكيل واحد[ كلية
تربية العريش], أما الجامعات الحكومية فهي17 جامعة
لكل منها رئيس وثلاثة أو أربعة نواب بمجموع71, وليس بينهم أي
مسيحي.
* والأرقام تتوالي, ففي جامعة أسيوط نسبة الطلاب
المسيحيين29% ونسبة الأساتذة المسيحيين6% أما رؤساء
الأقسام فلا أحد.
والأرقام كثيرة ومفزعة وتوحي بالتمييز الصارخ, والأهم من هذا هو
أن لجوء البعض لاستخلاص هذه الاحصاءات يوحي بغيظ مكتوم يجد سبيله مثل
الـch عبر قنوات وأساليب انعزالية وغير مرئية وهو أمر يثير
الخشية من تفاقمه, خاصة أن الأرقام صارخة وتفقأ
الأعين.
وهو الأمر الذي دعي أحد الباحثين المقيمين بالخارج[ الأستاذ
عادل الجندي] الي تشبيه هذه الظاهرة بهرم سقارة الذي بناه
المهندس العظيم زوسر, فهذا الهرم قاعدته عريضة وهو مدرج لكن كل
درجة منه تضيق مساحتها كلما ارتفعت الي أعلي حتي تصل الي القمة
فتتلاشي, مع فارق يحدده الباحث إذ يقول إن هذا الصرح الهندسي
العظيم يتصاعد بدرجاته الأصغر فالأصغر حتي القمة, أما هرم
التمييز في الجامعات, فإن طبقاته تتقلص بوتيرة
متسارعة, وتتلاشي في منتصف الطريق أو حتي قبل المنتصف.
وليست مهمتنا الآن أن ندرس لماذا؟ ولا كيف؟ ولا من المسئول؟ فالإجابات
معروفة ومعلومة بل وحتي معلومة نتائجها الكارثية,
فالـch تتكرس وستظل تتكرس, ليس في المدارس والجامعات
وحدها, وإنما تتكرس نفسيا ووجدانيا وفعليا في مختلف مجالات
المجتمع, وإن كانت لا تظهر لأنه لا مجال عمليا لها فيما هو ظاهر
أمامنا.
خلاصة الأمر, الـch موجود ووجوده أمر
معلوم, لكن أحدا لم يتحرك لاحتوائه, ولا يمكن احتواؤه
لا بالقوة, ولا حتي بالنقاش الذي يتحول الي مجرد كلمات لا تتحول
الي أفعال, الـch خطر, لأنه سيتمدد في كل
مجال ليوجد مجتمعين منفصلين, والحل واضح وهو إنهاء الأسباب التي
سببته, وساعتها سوف يختفي من تلقاء نفسه.
وأنا لا أمل من ترديد كلمة الفيلسوف القديم أراسيموس استحضر الضوء يذهب الظلام من تلقاء نفسه.
فيا أيها المسئولون.. استحضروا الضوء, استحضروه
لتختفي التصرفات غير العاقلة وغير المعقولة التي تتسبب في هذا
الاحتقان, وفي إيجاد هرم سقارة المهين في سلم الاختيارات في
النظام التعليمي.. ومثيل ذلك في مختلف مناحي حياتنا